من طرف Leonardo.davinci الخميس فبراير 12, 2009 9:37 pm
م. حطان
حضرتك يمكن بتعرف أكتر مني بس في مجلة رائدة في مجال الهندسة اسمها إبداعات هندسية بتمنى تجيب العدد التاني لعام2005 وتقرا لأنو في تماماً الشي يلي بقصدو والمقال يلي بدي حطلك يا هلق هو افتتاحية هالعدد بتمنى تكملو للآخير وتقتنع
كان المشهد مرعباً, كائنات في هيئة بشر, يسرقون كنوز متحف بغداد ويحطمون آثاراً يمتد عمرها إلى ألاف السنين. والمتحف ليس ثكنة عسكرية لم يرتبط بأي شكل ما من أشكال السياسة، ليس هناك من ترابط بينه وبين السلطة . فلماذا حصل ما حصل إذاً؟
بابل هي الأخرى لم تنج من اليد العدوانية, مئذنة سامراء التاريخ نالوا من عزتّها لماذا؟
أعادني السؤال إلى الماضي القريب مخففاً من استهجاني و دهشتي : ألم ينتهي جزء من آثار مصر, ألم يٌنهب جزء من أثار بلاد الشام: ماذا يفعل الكيان العنصري بفلسطين و أثارها. يفتش العدو في فلسطين عن معلمٍ يستند إليه لتأكيد دعواه الإيديولوجية وعبثاً يحاول؟
ها نحن إذاً أمام ظاهرة كلية، وذات معنى كلي. الظاهرة هي إزالة الآثار العمرانية والفنية والثقافية ، والمعنى الهدف هو تحطيم الذاكرة الوطنية – القومية.
فهذه المنطقة العربية "وطننا العربي" هو- وباعتراف الجميع- مهد الحضارة الإنسانية. إنها طبقات من الحضارات توالت وتركت لنا أثارها عمارةً وفناً ومعالمً ثقافيةً أمكنة ما زالت تضج بالحياة والجمال فمن ذا الذي لا يقف مسحوراً أمام بقايا تدمر، وايبلا وماري من ذا الذي لا يشعر بالجلال أمام مسجد بني أمية وقلعة حلب. من ذا الذي لا يهزه تمثال أبي الهول و أهرمات مصر وعمارة القاهرة الفاطمية . من ذا الذي لا يغرق بالتأمل وهو يشاهد آثار بابل وعمارات بغداد العباسية . من ذا الذي لا يود أن يكون من أولئك الذين عاشوا في بيوت فاس وقصورها أو مراكش وأسواقها القديمة وأسواقها القديمة.
من ذا الذي لا يحب أن يبقى سائحاً في صور وصيدا و جبيل ألا يُشعرنا ذلك كله فخراً بالانتماء. أجل انه الانتماء إلى هوية عبرت عن نفسها بالأدب والفن والعمارة، هوية خلقت ذاكرة لا تنال منها السنون.
لهذا فإن أحد أهم أشكال الهجوم على أبناء العربية هو الهجوم على الذاكرة، حتى لا يبقى فيها ما هو قابل لإنعاش الروح، ما هو قادر على تعزيز الانتماء.
ومن وحي ما سبق أحب أن أشير إلى أمرين:
الأول : أننا في بعض بلداننا العربية نشارك أعداءنا أحياناً في مهمتهم عن قصد أو عن غير قصد، عن نية حسنة أو عن سوء نية. وذلك حين نقوم- بحجة ضرورات توسع المدن – بتدمير مناطق تفوح منها رائحة التاريخ الجميل. أو حين ندمر بدافع الربح المادي مواقع تاريخية لنشّيد عليها أبنية جديدة لا روح فيها ولا حياة.
ومن هنا نرى ضرورة أن تنشأ في بلدان العرب جمعيات مهمتها الدعوة للحفاظ على آثارنا ومعالمنا العمرانية، والوقوف ضد أية محاولات لتدمير هذه المعالم.
أما الأمر الثاني الذي لا يقل أهمية عن الأمر الأول فهو السؤال الذي مازال يؤرقنا: أين هي العمارة التي سنورثها لأجيالنا القادمة،والتي سيشار إليها بالبنان بعد مئات السنين؟ وإذا كان الأقدمون قد خلّفوا لنا الذاكرة- الهوية، فأين هي الذاكرة التي سنورثها للإنسان العربي في المستقبل؟
فهل نبالغ إذا قلنا أن عمارتنا الآن لا هوية لها ولا خصوصية وما هي إلا صور كاريكاتورية لما يُنتج في الغرب.
وقد يُقال لنا: أن البيت الدمشقي العربي أو المرّاكشي القديم لم يعد مكاناً عملياً تعيش فيه الأسرة الصغيرة. حسناً وهذا حق.
ولكن من قال أن الضرورات العملية يجب أن تلغي جمالية البناء الجديد وخصوصيته. وهل تسّمر وعينا الجمالي عند هذه الكتل الإسمنتية التي غيرت الأحياء الجديدة للمدن العربية. وهل فقدنا الروح حتى لا نعطي للمكان الجديد روحاً؟
أقولها بصوتٍ عالٍ: إذا كان الجديد لا ينمو إلا في رحم القديم، فليكن جديدنا فيه روح قديمنا. لا بمعنى أن نعيد تقليد القديم، بل بمعنى أن الروح المبدعة يجب أن تشع من عمارتنا الجديدة. من فن بناء مرافقنا العامة، من صروحنا الكبيرة. وإلا فإن الذاكرة الوطنية- القومية ستقف عند القديم، ولن تتجدد أبداً، وعندها قد يسهل على الزمان النيل منها.
الرئيسية
